” خطبة الجمعة مسجد طوكيو ”المَساجِدُ وَالمُدُنُ وَالحَضاراتُ

بارَكَ اللهُ لَكُمْ في جُمُعَتِكُمْ إِخْوَتيَ الأعِزّاءُ!

في خُطْبَتِنا لِهَذا اليَوْمِ تَعالَوْا نَبْحَثْ عَنْ طُرُقٍ لِوَضْعِ المَساجِدِ مِنْ جَديدٍ في قَلْبِ المُدُنِ وَجَعْلِها مَهْدَ للحَضاراتِ. تَعالَوْا نُفَكِّرْ مَرَّةً أُخْرى في مَدى أَهَمِّيَّةِ المَساجِدِ وَالحَضاراتِ في حَياتِنا.

إِيُهاَ المُسلِمونَ عبْاَد الله !

إن المَساجِدُ بِالنِّسْبَةِ لَنا نَحْنُ المُؤْمِنينَ حَياةٌ. فَفِي المَساجِدِ نَشْعُرُ من صَميمِ قُلوبِنا بعِبادَةِ اللهِ تعالى وَالخُنوعِ والاسْتِسْلامِ لَهُ وَحْدَهُ. في َالمَساجِدُ تَسْحَب منا هُمومِ الدُّنْيا وَأَكْدارِها التي لا تَنْتَهِي، وَتُعيدُنا إلى الحَياةِ بَعْدَ أَنْ تُكْسِبَنا شُعوراً جَديداً بِأَجْوائِهِا المَعْنَوِيَّةِ الإيمانية، كما وهي التي َتُرَبِّينا وَتُعَلِّمُنا تَنْسُجُ مَشاعِرَنا وَأَفْكارَنا لبنةً لبنة. وَالمَساجِدُ بِجَوانِبِهِا هَذِهِ، مَواطِنُ العِلْمِ وَالحِكْمَةِ وَالمَعْرِفَةِ وَالأخْلاقِ. وَهِيَ الأماكِنُ التي نَتَعَرَّفُ فيها على رَبِّنا وَدينِنا وَكِتابِنا وَرَسُولِنا وَأُخُوَّتِنا وَحَياتِنا.

إنَّ المَساجِدَ هِيَ الأماكِنُ التي تُوَحِّدُ قُلوبَنا أَمامَ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيمِ. لذا فإن المَساجِدُ تُبْنى حَتّى نَحْمِلَ لِلْمُجْتَمَعِ رُوحَ الوَحْدَةِ التي نَمْلِكُها عِنْدَما نَتَكاتَفُ وَنَصْطَفُّ لِلصَّلاةِ وَنَقُومُ ونَرْكَعُ وَنَسْجُدُ مَعاً. وَالمَساجِدُ تُشَيَّدُ لِنَحْمِلَ إلى بُيوتِنا وَأَحْيائِنا وَبِلادِنا وَالإنْسانِيَّةِ شُعورَ “المُؤْمِنِ الأَمينِ” الذي يَسْلَمُ النَّاسُ مِنْ يَدِهِ وَلِسانِهِ، وَشُعورَ “الإنْسانِ القُدْوَةِ” الذي يَغْبِطُهُ الآخَرونَ.

   أيُّهَا المُؤمِنُونَ الكرام !

إِنَّ المَساجِدَ تَرْمُزُ بِمآذِنِها إلى التَّوْحيدِ، وَتُعَبِّرُ بِأَذانِها عَنِ الشَّهادَةِ. وَالمَساجِدُ بِمَنابِرِها هِيَ أَماكِنُ العِلْمِ وَالحِكْمَةِ وَالمَعْرِفَةِ، وَصَوْتُ الحَقِّ وَالحَقيقَةِ. وَالمَساجِدُ هِيَ المَواقِعُ التي نُجاهِدُ فيها المَعاصِيَ وَكافَّةَ السّيِّئاتِ مِثْلَ الحِقْدِ والغَضَبِ وَالكَراهِيَةِ التي تَأْسِرُ قُلُوبَنا وَصُدورَنا،.

إِخْوة الإســلام !

أَسْألُ اللهَ تَعالى أَنْ لا يُفَرِّقَ قُلوبَنا وَعُقولَنا وَأَجْسادَنا عَنِ المَساجِدِ وَالجَوامِعِ، وَأَنْ لا يَحْرِمَنا مِنَ الأَذانِ الذي يَحْمِلُ في صَلَواتِهِ أَساسَ دِينِنا الحَنيفِ. وأن يتقبل منا جميع طاعاتنا.


” خطبة الجمعة مسجد طوكيو ”المَساجِدُ وَالمُدُنُ وَالحَضاراتُ (PDF)