خطبة الجـــمــعة جـــامع طـوكـــيـو دَوْرُ الوَالِدَيْنِ فِي بِنَاءِ مُجْتَمَعٍ قَوِيٍّ
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَامُ!
جَاءَ يَوْمًا إِلَى حَضْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ: “يَا رَسُولَ اللَّهِ! أُرِيدُ أَنْ أُهَاجِرَ وَأُجَاهِدَ أَبْتَغِي الأَجْرَ مِنَ اللَّهِ فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: نَعَمْ، كِلَاهُمَا عِنْدَهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ: إِذَنْ، عُدْ إِلَى وَالِدَيْكَ وَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا” .i
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!
وَالِدِينَا هُمْ شَخْصِيَّاتٌ مُتَمَيِّزَةٌ لَا يُمْكِنُ تَعْوِيضُهُمْ يُهَيِّئُونَنَا لِلْمُسْتَقْبَلِ بِصَبْرِهِمْ، واحْتِرَامُهُمْ هُوَ احْتِرَامٌ لِلَّهِ وَتَقْدِيرُهُمْ هُوَ تَقْدِيرٌ لِلَّهِ ودُعَائُهُمْ مِفْتَاحُ الجَنَّةِ وطَلَبَاتُهُمْ ونَصَائِحُهُمْ المَشْرُوعَةُ المُتَوَافِقَةُ مَعَ الْإِسْلَامِ هِيَ مَصْدَرُ السَّلَامِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَفَاضِلُ!
يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الأُمُّ المَسْؤُولَةُ مِثْلَ السَّيِّدَةِ هَاجَرَ الَّتِي تَحَمَّلَتْ جَمِيعَ المَصَاعِبِ مِنْ أَجْلِ سَيِّدِنَا إِسْمَاعِيلَ وَسَعَتْ لِتَلْبِيَةِ احْتِيَاجَاتِهِ المَادِّيَّةِ وَالمَعْنَوِيَّةِ وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ مِثْلَ السَّيِّدَةُ فَاطِمَة زَهْرَةُ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ المُصْطَفَى )صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الَّتِي رَبَّتْ سَيِّدَنَا الحَسَنَ وَسَيِّدَنَا الحُسَيْنَ.
أَمَّا الأَبُ المَسْؤُولُ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ سَيِّدِنَا نُوحٍ الَّذِي سَعَى لِإِنْقَاذِ إِبْنِهِ مِنَ الهَلَاكِ فَقَالَ لَهُ:”… يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الكَافِرِينَ“ii . وَيَجِبُ أَنْ يَغْرِسَ فِي طِفْلِهِ الوَعْيَ بِالْمَسْؤُولِيَّةِ مِنْ خِلَالِ نَصِيحَتِهِ:”يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِي بِهَا اللَّهُ …”iii .وَأَنْ يَدْعُوَهُ لِلصَّلَاةِ وَلِلخَيْرِ بِالْقَوْلِ: “ يَا بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلَاةَ وَامْرُ بِالمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ المُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ …”iv .وَأَنْ يُعَلِّمَهُ آدَابَ السُّلُوكِ وَالذَّوْقِ مِنْ خِلَالِ نَصِيحَتِهِ: “...وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ، وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ …”v . كَمَا فَعَلَ سَيِّدُنَا لُقْمَانُ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَالْأَعِزَّاءُ!
اَلْيَوْمَ، يُوَاجِهُ أَطْفَالُنَا مَخَاطِرَ كَبِيرَةً قَدْ تَضُرُّ بِدُنْيَاهُمْ وَآخِرَتِهِمْ. يُرَادُ لِأَبْنَائِنَا الانْغِمَاس فِي مُسْتَنْقَعِ الْكُحُولِ وَالْقِمَارِ وَالْمُخَدِّرَاتِ، كَمَا تَسْعَى تَيَّارَاتٌ ضَارَّةٌ وَأَيْدِيُولُوجِيَّاتٌ بَاطِلَةٌ إِلَى اسْتِعْبَادِ شَبَابِنَا. لِذَلِكَ، يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَبْذُلَ المَزِيدَ مِنَ الجُهُودِ لِكَيْ يُصْبِحَ أَوْلَادُنَا عِبَادًا يُرْضُونَ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ، وَأَشْخَاصًا مُفِيدِينَ لِلْمُجْتَمَعِ وَالإِنْسَانِيَّةِ. “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ والتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الِاثْمِ و العُدْوَان“vi يَجِبُ أَنْ نَبْذُلَ المَزِيدَ مِنَ الجُهُودِ لِكَيْ يَكُونُوا جِيلًا يُحَقِّقُ السِّلْمَ الِاجْتِمَاعِيَّ وَالهُدُوءَ. يَجِبُ أَنْ نَكُونَ قُدْوَةً لِأَطْفَالِنَا بِأَفْعَالِنَا وَأَقْوَالِنَا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ نَتْرُكَهُمْ مَحْرُومِينَ مِنْ اهْتِمَامِنَا وَمَحَبَّتِنَا . لِنَتَذَكَّرَ أَنَّ بِنَاءَ مُجْتَمَعٍ قَوِيٍّ يَتَطَلَّبُ مِنَّا أَنْ نَكُونَ آبَاءً وَأُمَّهَاتٍ يَتَحَمَّلُونَ مَسْؤُولِيَّةَ تَرْبِيَةِ جِيلٍ مُرْتَبِطٍ بِإِيمَانِهِ وَعِبَادَتِهِ وَتَارِيخِهِ وَثَقَافَتِهِ وَيَحْتَرِمُ القِيَمَ الْمُقَدَّسَةَ وَيُؤَدِّيَ صَلَوَاتِهِ وَيُطِيعُ أَوَامِرَ اللَّهِ وَيَبْتَعِدُ عَنْ نَوَاهِيهِ.
أُنْهِي خُطْبَتِي بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “ مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا مِنْ نَحْلٍ أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ “vii .
[i]مُسْلِمٌ،كِتَابُ الْبِرّ، 1.
[ii]سُورَة هُود،11/42.
[iii]سُورَة لُقْمَان،31/16.
[iv]سُورَة لُقْمَان،31/17.
[v]سُورَة لُقْمَان،31/18،19.
[vi]سُورَة الْمَائِدَة،5/2.
[vii]التِّرْمِذِيُّ، كِتَابُ الْبِرّ،33.
خطبة الجـــمــعة جـــامع طـوكـــيـو دَوْرُ الوَالِدَيْنِ فِي بِنَاءِ مُجْتَمَعٍ قَوِيٍّ PDF
Prayer | Time |
---|---|
Fajr | 03:03 |
Sunrise | 04:41 |
Dhuhr | 11:37 |
Asr | 16:31 |
Maghrib | 18:34 |
Isha | 20:06 |