“خطبة الجمعة مسجد طوكيو ” اَلرَّابِطَةُ بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَالْعَبْدِ

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الأَعِزَّاءُ!
إِنَّ الذي خلقنا وأوجدنا في الحياةِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى. بِأَمْرِهِ سبحانه “كُنْ” جَمِيعُ الْكَائِنَاتِ مَابَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ تَأْخُذُ مَكَانَهَا فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا. هُوَ سبحانهُ الَّذِي أَوْجَدَنَا مِنَ الْعَدَمِ، وَوَهَبَنَا لنا الْحَيَاةَ بِقُدْرَتِهِ وإحْسَانِهِ وعَوُنِه، وهو الَّذِي وَهَبَنَا لنا النِّعَمَ لِيَبْلُوَنا أَيُّنا أَحْسَنُ عَمَلاً.

أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ الأَفَاضِل!
إِنَّ اللَّهَ عزَّ وَجَلَّ يَرضَى عَنْ عِبِاِدهِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِهِ بِإِخْلَاصٍ. لان اَلْإِخْلَاصَ فِي الْإِيمَانِ يَجْلِبُ مَعَهُ السعادةَ وَالطٌمأنِينةَ في الحياة. وبِقَدْرِ مَا يُظهِرُ المُؤمِنُ حُبَّهُ واْحْتِرَامَهِ وارْتِبَاطَهِ بِاللَّهِ تَعَالىَ فِي العِبَادَاتِ، فِإنَّ ذألك ينعكس على سُلُوكِهِ في الحياة.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاء!
يُمْكِنُ لِلبَشَرِ أَحْيَانًا أَنْ يَكُونُوا نَاكِرِينَ لِلمَعْرُوفِ وَأَنَانِيينَ، وأَنْ يَتَصَرَّفُوا أَحْيَاناً بِتَسَرُّعٍ أو يَكُونُوا فِي غَفْلةٍ. فنَحنُ عَبِيدﹲ لربنا وقَدْ نُخطِئُ. وقَدْ نَنْسَى أَنَّ الله يَرَانَا ويَسْمَعُنَا فِي كُلِّ لَحْظَةٍ، وأَنَّهُ سُبحانهُ يَنْتَظِرُ مِنَّا أَعَمَالاً صَالِحَةً. فنحن نَقَعُ فِي الذُّنُوبِ، عَمداً أَو سَهْواً، لَكِنْ مَهْمَا يَكُنْ فِإنَّ مَلْجَأَنَا الوَحِيدَ هُوَ “أَرْحَمُ الرَّاحِمِين” سبحانه وتَعَالَى. فَهُوَ عَفُوّﹲ يُحِبُّ العَفْوَ. وَيُبْقِي بَابَ الرَّحمَةِ مَفْتُوحاً حَتَّى نُعْطِي أَنْفَاسَنَا الفرصةَ الْأَخِيرَةَ. وهَكَذَا يَقُولُ تَعَالَى فِي الْقُرْآَنِ الْكَرِيمِ: “قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.”[1]

أَيُّهَا الْمُؤْمِنونَ الأَعِزَّاء!
وَهَكَذَا قَدْ نَبَّهَنَا اللَّهُ تَعَالَى فِي القُرآَنِ الكَرِيم:”وَلَا تَكُونُوا كَالَّذ۪ينَ نَسُوا اللّٰهَ فَاَنْسٰيهُمْ اَنْفُسَهُمْۜ اُو۬لٰٓئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ.”[2] فَلْنُصْغِ لِهَذَا التَّنْبِيهِ. وَلْنَعْتَنِ ولنُحَافِظْ ونُقَوِّي رَابِطَ العُبُودِيّةِ مَا بَيْنَنَا وبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. فَلْنَعْبُدْهُ حَقَّ العِبَادَةِ ونَطْلبُ العَوْنَ مِنهُ فَقَطْ.وَنَتُوبُ مِنْ كُلِّ الذُّنوُبِ الّتِي ارْتَكَبْنَاهَا. وعَلَينَا أَنْ لَا نَنْسَى أنَّهُ مَنْ يَنْسَى ربَّهُ، وَ يَقْطَعَ رَابِط العِبَادِةِ بَيْنَهُ وَ ربه وخَالقهِ، فِإنَّ اللهَ تَعَالَى يُبْعِدُهُ عَنْ رَحْمَتِهِ و يُرسِلُ إِلى قَلبِهِ الخَوْفَ فِي الدُّنيَا، وَ فِي الآَخَرةِ لَا يَنظُرُ إِلَى وَجْهِهِ وَ يُعذِّبْهُ عَذَاباً كَبِيراً. قال تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾”[3]

[1] سورة الزمر39/53 سورة.
[2]  سورة الحشر 959/1.    
[3] آل عمران /77.


“خطبة الجمعة مسجد طوكيو ” اَلرَّابِطَةُ بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَالْعَبْدِ .(PDF)