خطبة الجمعة مسجد طوكيو ” الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ

                                         بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَمَنْ اَرَادَ الْاٰخِرَةَ وَسَعٰى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَاُو۬لٰٓئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً .
وَقَالَ رَسُولُ اللّٰهِ صَلَّي اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
اَلْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللهِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَامُ!
إِنَّ أَحَدَ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ هُوَ الْإِيمَانُ بِالْآخِرَةِ. وَالَّذِي يَتَمَثَّلُ فِي الْإِيمَانِ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ،وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَبِالْحِسَابِ وَبِوُجُودِ حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ.
لَا رَيْبَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ الَّذِي يَتَبَنَّى الْإِيمَانَ بِالْآخِرَةِ مِنْ قَلْبِهِ، يُرَاعِي فِي كُلِّ أَعْمَالِهِ الْحُدُودَ الَّتِي وَضَعَهَا رَبُّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَيُرَاعِي كَذَلِكَ رِضَاهُ عَزَّ وَجَلَّ. كَمَا أَنَّهُ وَبِمُقْتَضَى الْإِيمَانِ يَصِلُ إِلَى الْكَمَالِ مِنْ خِلَالِ الْأَعْمَالِ وَالْأَفْعَالِ الصَّالِحَةِ وَالْأَخْلَاقِ الْفَاضِلَةِ. وَدَائِماً مَا يَقُومُ بِمُحَاسَبَةِ نَفْسِهِ. وَيَبْتَعِدُ عَنْ سَيِّئِ الْقَوْلِ وَقَبِيحِ الْفِعْلِ.
وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَنْظُرُ إِلَى الْكَائِنَاتِ بِنَظْرَةِ الْعِبْرَةِ. وَإِنَّهُ لَيَرَى حَيَاتَهُ وَمَوْتَهُ وَسَلَامَتَهُ وَمَرَضَهُ وَسِعَتَهُ وَضَنَكَهُ وَفَرَحَهُ وَحُزْنَهُ عَلَى أَنَّهَا جُزْءٌ مِنْ اِمْتِحَانِ هَذِهِ الدُّنْيَا. وَكَمَا عَبَّرَ نَبِيُّنَا صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ،  “إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ“[i]
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَفَاضِلُ!
إِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ الْمَحَطَّةُ الْأَبَدِيَّةُ لِرِحْلَةِ الطَّاعَةِ الْخَاصَّةِ بِنَا. وَلَا شَكَّ أَنَّ الْآخِرَةَ هِيَ مَوْطِنُنَا الْأَصْلِيُّ وَمَسْكَنُنَا الْأَبَدِيُّ. وَهِيَ الْمَكَانُ الَّذِي سَوْفَ نَتَحَاسَبُ فِيهِ لَا مَحَالَةَ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ ، زَرَعْنَاهُ وَحَصَدْنَاهُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا اكان خَيْراً أوَشَرا. لِذَا، فَلْنَحْيَا حَيَاةً تَنْخَرِطُ ضِمْنَ وَعْيِنَا بِأَنَّنَا سَوْفَ نَبْلُغُ الْآخِرَةَ. وَ يَجِبُ أَنْ  نسْتِعد لِذَلِكَ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ.
وأُنْهِي خُطْبَتِي بِقولِ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ: “فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ”[ii]

[i] صَحِيحُ مُسْلِم، كِتَابُ الزُّهْدِ، 64.
[ii] سُورَةُ الزَّلْزَلَةِ، الْآيَاتُ: 7،8.


خطبة الجمعة مسجد طوكيو ” الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ.(pdf)