خطبة الجمعة مسجد طوكيو – نِهَايَةُ الصَّبْرِ السَّلَامَةُ

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَامُ!
إِنَّ الْإِنْسَانَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ لَا يَرْغَبُ فِي الصَّبْرِ حَتَّى عَلَى صَغَائِرِ الْمِحَنِ. وَإِنَّهُ أَحْيَاناً يَفْقِدُ صَبْرَهُ تُجَاهَ الْمَصَائِبِ الْكَبِيرَةِ وَيَهْوِي فِي دَوَّامَةِ الْيَأْسِ. مَعَ أَنَّ الْبُشْرَى الْقُرْآنِيَّةَ وَاضِحَةٌ وَجَلِيَّةٌفَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا.[1] وَكَمْ مِنْ رَحْمَةٍ قَدْ خُبِّئَتْ فِي رحم المَشَقَّةٍ. وَإِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَنْتُجَ الْخَيْرُ عنْ العَمَلٍ الذي يُرَى عَلَى أَنَّهُ شَرٌّ. يَكْفِي أَنْ لَا يَتْرُكَ الْعَبْدُ الْبَذْلَ وَالصَّبْرَ وَالثَّبَاتَ! وَيَكْفِي أَنْ يُؤْمِنَ الْإِنْسَانُ إنَّ اللَّهَ دَائِماً وَأَبَداً مَعَ الصَّابِرِينَ!

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!
إِنَّ الصَّبْرَ لَا يَعْنِي الذِّلَّةَ وَالْمَسْكَنَةَ. وَلا يَعْنِي الْخَوْفَ وَاِنْعِدَامَ الْحِيلَةِ. بَلْ إِنَّ الصَّبْرَ هُوَ الثَّبَاتُ؛ فَهُوَ الْاِسْتِمْرَارُ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ بِاِسْتِشْعَارِ الْعُبُودِيَّةِ وَالطَّاعَةِ. إِنَّ الصَّبْرَ هُوَ الْمُقَاوَمَةُ؛ فَهُوَ مُجَابَهَةُ اَلْفَ اِمْتِحَانٍ وَاِمْتِحَانٍ مِنْ اِمْتِحَانَاتِ الدُّنْيَا. إِنَّ الصَّبْرَ هُوَ التَّوَكُّلُ؛ فَهُوَ إِظْهَارُ الرِّضَا بِالتَّقْدِيرِ الْإِلَهِيِّ بَعْدَ الْأَخْذِ بِكَافَّةِ الاسباب الممكنة . وَإِنَّ الصَّبْرَ هُوَ مَا يَقْتَضِيهِ الْإِيمَانُ وَهُوَ بَابٌ لِلسَّلَامَةِ وَكَنْزٌ لِلْجَنَّةِ.

أيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!
إِذَاً، فَلْنُدْرِكْ قِيمَةَ هذه النِعْمَةٍ الفَرِيدَةٍ نِعْمَةُ الصَّبْرِ. وَلْنَتَذَكَّرْ أَنَّ اللَّهَ يَمْتَحِنُنَا فِي سِعَتِنَا وَفِي ضِيقِنَا وَأَنَّ كُلَّ اِمْتِحَانٍ يَتِمُّ اِجْتِيَازُهُ بِالْبَذْلِ وَالصَّبْرِ. وَلَا يَجِبُ أَنْ نَقْنَطَ أَبَداً مِنْ عَوْنِ رَبِّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَمِنْ رَحْمَتِهِ.
وَ أُنْهِي خُطْبَتِي بِهَذِهِ الْآيَةِ مِنْ كِتَابِ ربنا الْجَلِيلِ:إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ[2]

[1] سُورَةُ الْاِنْشِرَاحِ، الْآيَاتُ: 5-6.
[2] سُورَةُ يُوسُفْ، الْآيَةُ:90.


خطبة الجمعة مسجد طوكيو – نِهَايَةُ الصَّبْرِ السَّلَامَةُ.(PDF)