بسم الله الرحمن الرحيم
وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّٰهُ حَلَالاً طَيِّباًۖ وَاتَّقُوا اللّٰهَ الَّـذ۪ٓي اَنْتُمْ بِه۪ مُؤْمِنُونَ .
وَقَالَ رَسُولُ اللّٰهِ صَلَّي اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَامُ!
إِنَّ دِينَنَا الْإِسْلَامِيَّ الْعَظِيمَ لَا يَسْمَحُ بِالْكَسَلِ وَعَدَمِ تَحَمُّلِ الْمَسْؤُولِيَّةِ وَلَا يَسْمَحُ بِالْكَسْبِ مِنْ غَيْرِ الْعَمَلِ وَالْكَدِّ. بَلْ إِنَّهُ يَحُثُّ عَلَى أَنْ يَكْسِبَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ عَرَقِ جَبِينِهِ وَمِنْ عَمَلِ يَدِهِ. وَلَا شَكَّ أَنَّ حَدِيثَ رَسُولِنَا الْأَكْرَمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ يَقُولُ “مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ.“[i] يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ وَيُشِيرُ إِلَيْهِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَفَاضِلُ!
إِنَّ الْإِسْلَامَ يَدْعُونَا إِلَى نِعَمِ اللَّهِ الطَّيِّبَةِ الَّتِي أَحَلَّهَا لَنَا. وَيَأْمُرُنَا أَنْ نَجْتَنِبَ الْمُحَرَّمَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ وَنَبْتَعِدَ عَنْهَا.
لِلْأَسَفِ أَنَّهُ يَتِمُّ الْيَوْمَ إِظْهَارُ الْكَسْبِ مِنْ خِلَالِ الطُّرُقِ الْمُخْتَصَرَةِ وَدُونَ بَذْلِ الْجُهْدِ وَالْكَدِّ عَلَى أَنَّهُ نَجَاحٌ وَفَوْزٌ. وَلَا شَكَّ أَنَّ الظَّنَّ وَالْاِعْتِقَادَ بِأَنَّ الكَسْبٌ وَالرِبْحٌ دُونَ مُرَاعَاةِ حُقُوقِ الْعِبَادِ وَمِنْ خِلَالِ تَعْرِيضِ الْمَالِ الْعَامِّ لِلضَّرَرِ، هُوَ فِي حَقِيقَتِهِ الْخَسَارَةُ بِعَيْنِهَا. إِنَّ الْكَسْبَ من خِلَالِ الْخَدِيعَةِ وَالتَّحَايُلِ عَلَى النَّاسِ بِالْحِيَلِ دُونَ وَجْهِ حَقٍّ لَا يَتَمَاشَى أَبَداً مَعَ عَقِيدَتِنَا وَإِيمَانِنَا. وَلَا رَيْبَ أَنَّ مَا يَقَعُ عَلَى عَاتِقِ الْمُؤْمِنِ هُوَ أَنْ يَكْتَفِي وَيَغْتَنِي بِالْكَسْبِ مِنْ عَرَقِ الْجَبِينِ وَأَنْ يَعْمَلَ وَيَكِدَّ مِنْ أَجْلِ تَأْمِينِ رِزْقِهِ مِنْ خِلَالِ الطُّرُقِ الْمُحَلَّلَةِ وَالْمَشْرُوعَةِ. فالْجُهْدً وَالسَّعْيً عَلَى الْمُؤْمِنِ أَمَّا الرِّزْقُ فَهُوَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَفَاضِل!
إِنَّ رَسُولَنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ: “ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِى الطَّلَبِ فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِىَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِى الطَّلَبِ خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ “[ii]
فَلْنَمْتَثِلْ لِنَصِيحَةِ رَسُولِنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ وَلْنَطْلُبِ الرِّزْقَ الْحَلَالَ مِنْ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ. وَلْنَجْتَهِدْ عَلَى أَنْ نَكْسِبَ مِمَّا أُحلَّ لَنَا وَأَنْ نُنْفِقَ مَا كَسِبْنَاهُ فِي الْحَلَالِ وَأَنْ لَا نَقُومَ بِالتَّبْذِيرِ وَالْإِسْرَافِ عِنْدَ الْإِنْفَاقِ وَالصَّرْفِ. وَلَا نَنْسَى أَنَّ الْلُّقْمَةَ الَّتِي نَكْسَبُهَا بِعَرَقِ جَبِينِنَا وَبِالْحَلَالِ سَوْفَ تُضِيفُ الطُّمَأْنِينَةَ لِبُيُوتِنَا وَتُضْفِي بِالْبَرَكَةِ عَلَى أَعْمَارِنَا.
قال سبحانه
“وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا
[i] صَحِيحُ الْبُخَارِيّ، كِتَابُ الْبُيُوعِ، 15.
[ii] سُنَنُ اِبْنِ مَاجَه، كِتَابُ التِّجَارَاتِ، 2.