خطبة الجمعة مسجد طوكيو – جَوْهَرُ الدِّينِ هُوَ الْإِخْلاَصُ

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!
اِنَّ جَوْهَرَالدين الْإِسْلاَمِي الْعَظِيمِ هُوَ الْإِخْلاَصُ، وأَنَّ تَقْدِيرَ كَلِمَاتِنَا وَسُلُوكِيَّاتِنَا وأعْمَاْلنَا عِنْدَ اللهِ يَعْتَمِدُ عَلَي إِخْلاَصِنَا. فَالْإِخْلاَصُ؛ هُوَ الْإِيمَانُ بِرَبِّنَا مِنْ صَمِيمِ قُلُوبِنْاَ، وَبِمُقْتَضَى هَذَا الْاِيمَانِ، يجب أن يكونَ عمل المكلفِ للطاعةً خالصاً من أَجْلٍ نَّيْلِ  رِضَا اللَّهِ تعالى وحده فَقَطْ ، دُونَ تَوَقُّعٍ أّيَّ مَصْلَحَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ أو َجَلْبِ مَنْفَعَةٍ مَادِّيَّةٍ. واَلْإِخْلاَصُ؛ هُوَ حُسْنُ النِّيَّةِ مع جَمِيعِ الْمَوْجوُدَاتِ الْحَيَّةِ وَالْجَامِدَةِ. فَالْإِخْلاَصُ؛ هُوَ إِمَّا أَنْ يَظْهَرَ العمل كَمَا كَانَ  أَوْ أَنْ يَكُونَ كَمَا ظَهَرَ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَامُ!
لَقَدْ قَالَ نَبِيُّنَا الْحَبِيبُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِهِ الشَّرِيفِ ” اَلدِّينُ النَّصِيحَةُ “. وَلَمَّا تَسَائَلَ الأَصْحَابُ الْكِرَامُ وَقَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَأَجَابَ لَهُم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِلًا: « لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ »[i]
ونَحْنُ نَفْهَمُ مِنَ خلالِ هذه التَّعْبِيرَاتِ الْمُبَارَكَةِ لِنَبِيِّنَا ص أَنَّهُ ينبغي علينا عِنْدَمَا نَقُولُ كَلِمَةَ الدِّينِ، أَنْ نَسْتَذْكِرَ في أذِهْنُنَا مَعْنَى الصِّدْقِ وَالْإِخْلاَصِ. ولِذَلِكَ مِنَ المُسْتَحِيلِ أَنْ نُفَكِّرَ فِي الْإِسْلاَمِ ونغَضِّ النَّظَرِ عَن الْإِخْلاَصِ وَالصِّدْقِ وَالْعَلاَقَةِ الْحَمِيمَةِ وَالنَّوَايَا الْخَالِصَةِ وَالْقُلُوبِ الطَّاهِرَةِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَعِزَّاءُ!
يُحَذِّرُنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِهِ الشَّرِيفِ قَائِلاً: « إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ،  وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ  وَأَعْمَالِكُمْ »[ii] ولِذَلِكَ إَذَا أَرَدْنَا أَنْ نَكُونَ عَباْدًا صَالِحين وَمُسْلِمين مُخْلِصين  لرَبِّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَدَيْنَا قَلْوباً طَاهِرةً وَأَعْمَالًا صَالِحَةً ، وَنِيَّةً صَادِقَةً.
أحبتي في الله : دَعُونَا نَجْعَلُ رضا اللهِ تعالى الغَرَضَ الأولَ في حَيَاتِنَا. وَلاَ نَنْسَى أَبَدًا بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى وَيَعْرِفُ كُلَّ أَحْوَالِنَا سِرًّا وَجْهرَاَ وَبأَنَّهُ لاَ يُكَافِئُنا على أَعْمَالَنَا إِلاَّ مَا نعملُ منه بِإِخْلاَصٍ. وَلِذَا لِنَبْتَعِدْ عَنِ الرِّيَاءِ وَالنِّفَاقِ. وَهَيَّا بِنَا نَدْعُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَمِيعًا كما دَعَا نَبِيِّنَا الْحَبِيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ اِجْعَلْنِي مُخْلِصًا لَكَ وَأَهْلِي فِى كُلِّ سَاعَةٍ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ»[iii]

[i] صَحِيحُ مُسْلِمٍ، كِتَابُ الْإِيمَانِ، رَقَمُ الْحَدِيثِ 95
[ii] صَحِيحُ مُسْلِمٍ، كِتَابُ الْبِرِّ، رَقَمُ الْحَدِيثِ 34
[iii] سُنَةُ أَبِي دَاوُودٍ، كِتَابُ الْوِتْرِ، رَقَمُ الْحَدِيثِ 25


خطبة الجمعة مسجد طوكيو – جَوْهَرُ الدِّينِ هُوَ الْإِخْلاَصُ.(PDF)