“خـطبـة الجمـعة مسـجد طـوكيو “اَلتَّقْوَى: خَيْرُ زَادِنَا

khutba_eyecatch_13

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَامُ!
اتَّقوا الله فيما تأتُونَ وما تذَرُون، لازِموا تقوى الله فإنَّها وصيَّةُ الله للأوَّلين والآخِرين قال سبحانه ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾  

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَامُ!
عندما عَيَّنَ نَبِيُّنَا الْحَبِيبُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اَلصَّحَابِيَّ الشَّاب مُعَاذَ ابْنِ جَبَلٍ سَفِيرًا فِي الْيَمَنِ. وَبَيْنَمَا كَانَ يُوَدِّعُهُ اِنْطَلَقَ مَعَهُ وَقَدَّمَ لَهُ بَعْضَ التَّوْصِيَّاتِ وَالنَّصَائِحِ. وَكَانَ مُعَاذُ رَاكِبًا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي بِجَانِبِهِ. وَفِي نِهَايَةِ نَصِيحَتِهِ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مُعَاذُ، إِنَّكَ عَسَى أَنْ لَا تَلْقَانِي بَعْدَ عَامِي هَذَا ، أَوْلَعَلَّكَ أَنَّ تَمُرَّ بِمَسْجِدِي هَذَا أَوْ قَبْرِي» وبناءً عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَاتِ بَدَأَ مُعَاذُ يَبْكِيَ حُزْنًا لِفِرَاقِ نَبِيِّنَا الْحَبِيبِ. وَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاِلْتَفَتَ وَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الشَّرِيفَةِ نَحْوَ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ وَقَالَ: « إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي اَلْمُتَّقُونَ مَنْ كَانُوا وَحَيْثُ كَانُوا»[i]

   أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ مَرَّةٍ مُشِيرًا إِلَى صَدْرِهِ بِيَدِهِ الشَرِيفَةِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ: «اَلتَّقْوَى هَا هُنَا»[ii] أَجَلْ، إن مَكَانُ التَّقْوَى هُوَ الْقَلْبُ وَلَكِنْ لها انعكاسُ فِي الْبَدَنِ وَالْقَوْلِ وَالسُّلُوكِ. وَيَتَجَلَّى ذالكَ في التَّأْثِيرٍ الهَادِىٍ لِلتَّقْوَى على عِبَادَاتِنَا وَأَعْمَالِنَا الصَّالِحَةِ، وَأَخْلاَقِنَا الْحَمِيدَةِ. وَيَتِمُّ تَعْزِيزُ وَعْيِنَا بالتَّقْوَى عَنْ طَرِيقِ تَجَنُّبٍ الشُّرُورِ وَالْحُرُماتِ؛ وَالإِتِباعِ للدينِ بِصِدْقٍ وَإِخْلاَصٍ.

  أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَامُ!
يَقُولُ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ[iii] إذًا هَيَّا بِنَا، لِنُبَارِكْ حَيَاتَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ بِزَادِ التَّقْوَى. وَلِنُوَاصِلَ إجتنابَ الْخَطَايَا، والمُدَومةَ على القِيَامٍ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ،وِلِنَكُنْ مِنْ أَهْلِ الخَيْرِ وَالتَّقْوَى دَائِمًا. وَدَعُونَا لاَ نُضِيعُ حَيَاتَنَا الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ خِلاَلِ تَلْبِيَةِ رَغَبَاتِ نُفُوسِنَا الَّتِي لاَ تَشْبَعُ وَعَنْ طَرِيقِ اِتِّبَاعِ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَالْوُقُوعِ فِيِ مَكَائِدِهِ. وَلاَ نَنْسَى أَبَدًا بِأَنَّنَا سَوْفَ نُحَاسَبُ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ عَنْ كُلِّ أَقْوَالِنَا وَأَعْمَالِنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا. وَأَخْتَتِمُ خُطْبَتِي بحَدِيثِ رَسُولِنَا الْحَبِيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «اِتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ»[iv]
[i] أَحْمَدُ بْنِ حَنْبَلٍ، 5/236.
[ii] أَحْمَدُ بْنِ حَنْبَلٍ، 3/134.
[iii] سُورَةُ الْبَقَرَةِ، الآيَةُ، 2/197.
[iv] رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، بَابُ الْبِرِّ، رَقَمُ الْحَدِيثِ، 55.


“خـطبـة الجمـعة مسـجد طـوكيو “اَلتَّقْوَى: خَيْرُ زَادِنَا.(PDF)