خطبة الجمعة مسجد طوكيو – النــظافة ومكانتها في الاسلام

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَام!
النَّظَافَةَ الَّتِي هِيَ أَحَدُ الْأَوْصَافِ الْأَسَاسِيَّةِ لِلْمُؤْمِنِ، هِيَ أَنْ يَمْتَلِكَ الْمُؤْمِنُ قَلْبَاً مُطْمَئِنّاً إِلَى جَانِبِ اِمْتِلَاكِهِ لِبَدَنٍ نَقِيٍّ وَطَاهِرٍ، وَلِلِبَاسٍ خَالٍ مِنْ النَّجَاسَةِ. وَلِهَذَا السَّبَبِ فَإِنَّ رَسُولَنَا الْحَبِيبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْبِطُ مَا بَيْنَ نَظَافَةِ الْمَظْهَرِ الْخَارِجِيَّةِ وَالْإِيمَانِ الَّذِي فِي الْقَلْبِ بِقَوْلِهِ: الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ [i]
إِنَّ الشَّخْصَ الَّذِي يَكُونُ مُتَّسِخَ الْبَدَنِ وَالثِّيَابِ وَأَشْعَثَ الشَّعْرِ وَالْلِّحْيَةِ ،وَالَّذِي لَا يُرَاعِي نَظَافَةَ بَيْتِهِ وَمَكَانِهِ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ اِمْتِلَاكِهِ لِمُقَوِّمَاتِ النَّظَافَةِ، هُوَ شَخْصٌ لَيْسَ بِمَقْبُولٍ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا هُوَ الحال بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ هُمْ حَوْلَهُ مِنْ النَّاسِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْفَوْزَ بِرِضَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خِلَالِ عِبَادَتِهِ حَقَّ الْعِبَادَةِ لَا يَكُونُ مُمْكِناً إِلَّا مِنْ خِلَالِ النَّظَافَةِ وَالطَّهَارَةِ.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَفَاضِل!
إِنَّ الصِّحَّةَ هِيَ رَأْسُ كُلِّ طِيبٍ وَجَمَالٍ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ، وَإِنَّ رَأْسَ الصِّحَّةِ هُوَ النَّظَافَةُ. وَكَمَا كَانَ عَلَيْهِ الْحَالُ فِي الْمَاضِي فَإِنَّ هُنَاكَ أَمْرَاضاً وَأَوْبِئَةً مُعْدِيَةً تَسْتَمِرُّ فِي الْاِنْتِشَارِ عَلَى هَذِهِ الْأَرْضِ فِي وقتنا الْحَاضِرِ.وَإِنَّ الْفَيْرُوسَاتِ الَّتِي تُهَدِّدُ الْعَالَمَ بِأَسْرِهِ تَتَسَبَّبُ الْيَوْمَ فِي سُقُوطِ الْوَفِيَّاتِ بِشَكْلٍ جَمَاعِيٍّ

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَام!
إِنَّ رَسُولَنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَوْصَانَا فَقَالَ، “وَاغْتَنِمْ صِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ“[ii] لَكِنَّنَا أَحْيَانًا نَنْسَى هَذَا التَّنْبِيهَ مِنْ رَسُولِنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. كَمَا أَنَّنَا لَا نُدْرِكُ قِيمَةَ اِمْتِلَاكِ بَدَنٍ سَلِيمٍ وَصَحِيحٍ إِلَّا بَعْدَ أَنْ نَفْقِدَهَ. بَيْدَ أَنَّ الْعَيْشَ عَلَى نَحْوٍ مِنَ النَّظَافَةِ وَحِفْظِ الصِّحَّةِ وَحِمَايَتِهَا هُوَ مُهِمَّتُنَا وَوَظِيفَتُنَا الْأُولَى. وَلَا شَكَّ أَنَّ مَا يَقَعُ عَلَيْنَا هُوَ الْحِيطَةُ وَالْأَخْذُ بِالتَّدَبِيرِ، أَمَّا التَّقْدِيرُ فَهُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَلَا نَنْسَى أَنَّ رَسُولَنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُنَا فَيَقُولُ: “إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ”[iii]

[i] صَحِيحُ مُسْلِمْ، كِتَابُ الطَّهَارَةِ، 1.
[ii] الْمُسْتَدْرَكُ لِلْحَاكِمِ، الْمُجَلَّدُ الرَّابِعُ، 341.
[iii] صَحِيحُ مُسْلِمْ، كِتَابُ الْإِيمَانِ، 147؛ سُنَنُ التِّرْمِذِيّ، كِتَابُ الْأَدَبِ، 41.


خطبة الجمعة مسجد طوكيو – النــظافة ومكانتها في الاسلام .(PDF)