“خطبة الجمعة مسجد طوكيو ” رَسُــولُنَا وَالْأَطْفـَالُ

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَامُ!
إِنَّ الْأَبْنَاءَ هُمْ أَكْثَرُ النِّعَمِ الْمَحْبُوبَةِ الَّتِي وُهِبَتْ لَنَا. وَهُمْ ضُيُوفُ بُيُوتِنَا الْأَكْثَرُ بَرَاءَةً وَهُمْ بَرَكَةُ أُسَرِنَا.
إِنَّ أَعْظَمَ مُرْشِدٍ لَنَا يُوَجِّهُ عِلَاقَاتِنَا مَعَ أَبْنَائِنَا هُوَ رَسُولُنَا الْحَبِيبُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أُرْسِلَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ. فَقَدْ كَانَ يُحِبُّ الْأَطْفَالَ وَالْأَبْنَاءَ أَكْثَرَ مَا يُحِبُّ مِنْ بَيْنِ الْمَخْلُوقَاتِ.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَفَاضِلُ!
لَقَدْ كَانَ الرَّسُولُ الْأَكْرَمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي قَدْراً لِلْأَطْفَالِ وَيُشْعِرُهُمْ بِأَنَّهُمْ ذَوِي قِيمَةٍ. كَمَا كَانَ يُخَصِّصُ مَكَاناً لِلْأَطْفَالِ بِجَانِبِهِ وَكَانَ يَبْدَأُ أَوَّلاً بِالْأَطْفَالِ عِنْدَمَا يَقُومُ بِالْإِكْرَامِ بِشَيْءٍ مَا. وَكَانَ يُلْقِي التَّحِيَّةَ عَلَيْهِمْ إِذَا مَا مَرَّ بِجَانِبِهِمْ وَيَسْأَلُهُمْ عَنْ أَحْوَالِهِمْ. كَمَا أَنَّهُ كَانَ يُعْطِي أَهَمِّيَّةً خَاصَّةً لِلْإِنَاثِ وَالْيَتَامَى مِنْ الْأَطْفَالِ، وَكَانَ يَعْتَبِرُهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ أَعَزُّ أَمَانَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ يَسْمَحُ إِطْلَاقاً بِتَحْقِيرِهِمْ. وَقَدْ كَانَتْ كَامِلُ هِمَّةِ رَسُولِنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنْصَبُّ عَلَى نَشْأَةِ الْأَطْفَالِ مُتَّسِمِينَ بِالشَّخْصِيَّةِ وَتَرَعْرُعِهِمْ بِصِفَتِهِمْ جِيلٌ مُؤْمِنٌ وَيَتَمَتَّعُ بِطِيبِ الْأَخْلَاقِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَعِزَّاءُ!
إِنَّ الْبَشَرِيَّةَ الْيَوْمَ تَحْتَاجُ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى إِلَى أُنْمُوذَجِ رَسُولِنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي هُوَ نَافِذٌ عَبْرَ الْعُصُورِ. لِذَا، فَلْنُصْغِي لِرَسُولِنَا الْحَبِيبِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْقَائِلُ “مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا مِنْ نَحْلٍ أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ”[i]. وَلْنَكُنْ قُدْوَةً لِأَبْنَائِنَا فِي جَوْهَرِنَا وَأَقْوَالِنَا وَأَفْعَالِنَا. وَلَا يَجِبُ أَنْ نَحْرِمَهُمْ مِنْ اِهْتِمَامِنَا وَمَحَبَّتِنَا. وَلَا يَجِبُ أَنْ نَنْسَى أَنَّ الْمَحَبَّةَ وَالْاِهْتِمَامَ الَّذِي يَتِمُّ إِظْهَارُهُ لِلْإِبْنِ وَالتَّعْلِيمَ وَغرس الْقِيَمَ الأخلاقية هُمَا أَفْضَلُ اِسْتِثْمَارٍ مِنْ أَجْلِ دُنْيَانَا وَآخِرَتَنَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءَ. قال صلى الله عليه وسلم“كلكم راع وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ . رواه البخاري

[i] سُنَنُ التِّرْمِذِيّ، كِتَابُ الْبِرِّ، 33؛ مُسْنَدُ اِبْنِ حَنْبَلَ، الْجُزْءُ الرَّابِعُ، 77.


“خطبة الجمعة مسجد طوكيو ” رَسُــولُنَا وَالْأَطْفـَالُ.(PDF)