“خطبة الجمـعة مسجد طوكيو ” تَكْوِينُ عَائِلَةٍ ذَات قِيَمٍ فِي الْعَالَمِ الرَّقْمِيِّ

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَامُ!
إِنَّ دِينَنَا السَّامِيَ دِينُ الْإِسْلَامِ يَأْمُرُنَا بِتَأْسِيسِ بَيْتٍ عَائِلِيٍّ بِزَوَاجٍ شَرْعِيٍّ. وَيَنْصَحُنَا بِبِنَاءِ حَيَاةٍ أُسَرِيَّةٍ تَقُومُ عَلَى القِيَم.  كَالْعَدْلِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالِاحْتِرَامِ وَالثِّقَةِ. وَالْإِسْلَامُ لَا يَسْمَحُ أَبَدًا بِالسُّلُوكِيَّاتِ الَّتِي تُؤَدِّي لِلْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر وَلِلْعَلَاقَاتِ غَيْرَ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي تَخْدِشُ بِالْحَيَاءِ وَالْعِفَّةِ. وَلَا يَقْبَلُ أَبَدًا بِأَيِّ عَلَاقَةٍ لَا تَقُومُ عَلَى الزَّوَاجِ الشَّرْعِيِّ.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَفَاضِلُ!
إِنَّنَا نَعِيشُ فِي زَمَنٍ يَتَطَوَّرُ فِيهِ الْعَالَمُ الرَّقْمِيُّ بِسُرْعَةِ مُذْهِلَةٍ. وَفِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ نَخْسَرُ قِيَمَنَا بِسَبَبِ إِغْرَاءَاتِ هذا الْعَالَمِ اْلاِفْتِرَاضِيِّ. وَبِفِقْدَانِنَا لِلْاِتِّصَالِ بِالْحَيَاةِ الْوَاقِعِيَّةِ تُصْبِحُ عَلَاقَاتُنَا اِفْتِرَاضِيَّةً أكثر منها واقعية. وَفِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ تُصْبِحُ شَاشَاتُ الْجَوَّالِ وَوَسَائِلُ التواصل هِيَ الصديق الْمُقَرَّبُ لنا. فَنَحِجُبُ عَنْ عَائِلَتِنَا الرِّعَايَةَ وَالْمَحَبَّةَ وَالْمَوَدَّةَ الَّتِي هِيَ وَسِيلَةٌ مِنْ وَسَائِلِ الرَّحْمَةِ وَالطُّمَأْنِينَةِ وَالسَّكِينَةِ. وكذا نَبْتَعِدُ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ عَنْ آبَائِنَا وَأَزْوَاجِنَا وَأَطْفَالِنَا الَّذِينَ نَجْلِسُ مَعَهُمْ عَلَى مَائِدَةِ واحدة.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَعِزَّاءُ!
أن َمَا يَقَعُ على عَاتِقِنَا الْيَوْمَ فِي عَالَمٍ تَنْتَصِرُ فِيهِ التَّصَوُّرَاتُ عَلَى الْوَاقِعِ وَتُجْبَرُ فِيهِ الْإِنْسَانِيَّةُ عَلَى الْقِيَامِ بِأَفْعَالٍ تَخْلُ بِالْفِطْرَةِ الْبَشَرِيَّةِ هُوَ اِتِّخَاذُ مَوْقِفٍ قَائِمٍ عَلَى الْقِيَمِ الدينية وَالْمَعْنَوِيَّةِ فِي مُوَاجَهَةِ سَلْبِيَّاتِ الْعَالَمِ الرَّقْمِيِّ. وَأَنْ نَجْعَلَ الْبُنْيَةَ اَلْأُسَرِيَّةَ كما علمنا الحبيب صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والْقَائِمَةِ عَلَى أَسُسِ الرِّعَايَةِ، وَالْمَحَبَّةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَوَدَّةِ. وَدَعُونَا لَا نَنْسَى أَنَّ تَعْلِيمَ الْقِيَمِ يَبْدَأُ دَاخِلَ الْعَائِلَةِ. وَأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَكْوِينُ أُسْرَةٍ قَوِيَّةٍ وَمُطَمْئِنَةٍ إِلَّا مِنْ خِلَالِ حِمَايَةِ قِيَمِنَا الدينية وَالْمَعَنَوِيَّةِ. فاتقوا الله وراقِبُوه، وأطيعُوا أمرَه ولا تعصُوه، قال سبحانه “يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا[1]

[1] ســورة النساء ١-١


“خطبة الجمـعة مسجد طوكيو ” تَكْوِينُ عَائِلَةٍ ذَات قِيَمٍ فِي الْعَالَمِ الرَّقْمِيِّ .(PDF)